يعد التسويف وتأجيل المهام أحد المشكلات الهامة لدى البعض، والتي تتسبب في ضياع الكثير من الوقت، فكم مرة قلت لنفسك “سأقوم بعمل ذلك في وقتٍ لاحق”؟، ثم يأتي الوقت اللاحق ولا تفعل شيئاً على الإطلاق!، وهو الأمر الذي يترتب عليه عدداً أكبر من المشكلات مثل عدم إتمام المهام نهائياً وبقائها مؤجلة إلى أجلٍ غير مُسمى، أو على أفضل تقدير تقوم بإنهائها في وقت متأخر، أو القيام بها بسرعة دون تركيز نظراً لضيق الوقت.
إن التسويف يُؤثر على قدرة الفرد على الإنتاج ويجعلها قدرة مٌعطلة، ومن ثم يتسبب في العديد من النتائج السلبية المختلفة. وعلى الرغم من أهمية المشكلة وآثارها السلبية إلا انه يمكنك التغلب عليها بسهولة من خلال إتباع الإستراتيجيات العشرة الآتية والتي تساعدك على إدارة وتنظيم وقتك، والقيام بمهامك بكفاءة وفعالية.
(1) قم بإعادة تنظيم قائمة المهام الخاصة بك
تعد هذه الخطوة أحد الخطوات الهامة والأساسية للتغلب على مشكلة التسويف، فإعادة صياغة قائمة المهام وتنظيمها بحيث تصبح أقل طولاً مما هي عليه الآن، وتحتوي على عدد من المهام المُصاغة بوضوح، والمحددة بدقة، يجعلك قادراً على تنفيذها أكثر من القوائم الطويلة التي تغريك بالتسويف.
ومن الجدير بالذكر، أن مجرد كتابة هذه المهام يمكن أن يكون له أثر نفسي قوي، ويزيد من رغبتك في إنهائها بأفضل صورة ممكنة، كما تمكنك هذه الصياغة المختصرة، والواضحة، والمحددة الأولويات من تقييم إنجازك بسهولة، بحيث يصبح واضحاً أمامك ما يجب عليك فعله من مهام قبل انتهاء اليوم.
(2) حدد الأسباب التي تدفعك للتسويف
إذا وجدت نفسك غير قادر على إنهاء مهمة ما، ولديك رغبة مُلحة في تأجيل القيام بها، عليك أن تكتشف السبب وراء ذلك. هل فقدت طاقتك ومن ثم لم تعد تستطيع القيام بالمزيد من المهام؟، أم أنك مجبر على أداء هذه المهمة على غير رغبتك؟، أم أنها مهمة مزعجة ومخيفة بالنسبة لك؟، أم أنك تخشى عدم القدرة على القيام بها على أكمل وجه؟. إن مجرد التعرف على السبب الحقيقي الذي يدفعك إلى التسويف وتأجيل المهام من شأنه أن يجعلك قادراً على حل المشكلة الأساسية ومن ثم تصبح قادراً على الإنتاج والقيام بمهامك مرة أخرى.
(3) تحديد الوقت المناسب لإنهاء كل مهمة على حدى
عليك أن تبدأ في كتابة المهام محددة بزمن لإنهائها، بحيث يتناسب الوقت الممنوح لكل مهمة مع طبيعتها وقدر الجهد الذي تحتاجه لتتم على أكمل وجه. إن هذه الطريقة تعد أحد الطرق الفعالة لإدارة الوقت، وهى طريقة طورها الإيطالي “فرانشيسكو سيريلو” في أواخر الثمانينات وتُدعى طريقة بومودورو (Pomodoro Method) ، وتعتمد هذه الطريقة على فكرة التوقف المتكرر من أجل الراحة والذي من شأنه أن يحسن سرعة البديهة والتركيز لدى الفرد، ويتم ذلك من خلال تقسيم وقت العمل إلى فترات زمنية محددة، مدة الواحدة منها 25 دقيقة تتبعها فترة راحة تتراوح من 3 : 5 دقائق. وتعتمد هذه الفكرة على أن الفرد يصبح أكثر قدرة على العمل، وأكثر إقبالاً عليه، إذا كان يعرف انه سيأخذ فترات راحة قصيرة كمكافأة له على إنجازه للمهام المطلوبة منه، كما أنه يعود للعمل بجدية أكبر متشوقاً للحصول على فترة راحة جديدة بعد إنجازه لمهمة جديدة، وهكذا.
(4) إبدأ بالمهام المزعجة أولاً
هناك اثنان من العوامل الهامة التي تؤثر على اتخاذك قرار التأجيل لمهمة ما، أولهما الوقت الذي تنوي تنفيذ المهمة به، فكلما بدأت بتنفيذ مهامك في وقت مبكر من اليوم كلما زادت قدرتك على أداء هذه المهام، والعكس صحيح؛ فكلما تأخر الوقت كلما زادت احتمالات فقدانك للرغبة والحماس لإداء هذه المهام. أما العامل الثاني فيتمثل في صعوبة المهام ومدى انزعاجك منها، لذا يُفضل أثناء تخطيطك للمهام التي تنوي أدائها خلال اليوم أن تبدأ بالمهام الصعبة أولاً، بحيث تبدأ بتلك المهام التي تحتاج إلى جهد أكبر في وقت مبكر من اليوم، ودع المهام السهلة والتي تستمتع بإدائها إلى النهاية، ويعد ذلك تقديراً منك للمجهود الذي بذله كل من عقلك وجسدك المنهكين طوال اليوم.
(5) خُذ قسط كافِ من الراحة على مدار اليوم
إذا كنت من النوع الذي إعتاد تأجيل مهامه، فربما كان ذلك راجعاً إلى كونك لا تأخذ قسط كافٍ من الراحة على مدار اليوم، ربما لا تمارس الاسترخاء بشكل صحيح فيستمر شعورك بالإرهاق حتى أثناء استراحة العمل اليومية، فالكثير من الأشخاص يأخذون الاستراحة دون مغادرة العمل على سبيل المثال، كبقائهم على مكاتبهم لتصفح البريد الالكتروني الذين يتأهبون للرد عليه بعد انتهاء فترة الاستراحة مباشرة، أو ربما يتحدثون إلى زملائهم بشأن المشروعات التي يعملون عليها مؤخراً، وبهذا فهم لا يجددون طاقتهم ومن ثم يصبحون غير قادرين على إنهاء ما تبقى من مهام موكلة اليهم. عليك أن تتأكد وأنت تأخذ استراحة العمل اليومية الخاصة بك أنك فد انفصلت تماماً ولو لبضع دقائق عن بيئة العمل المشحونة بالتوتر، اذهب وتناول طعامك بالخارج، مارس التأمل والاسترخاء، تصفح شبكة الإنترنت بهدف التسلية، أو أخرج للتريض قليلاً قبل العودة للعمل من جديد، فإن ذلك كله من شأنه أن يجعلك تستعيد طاقتك وتصبح مستعداً لأن تكمل ما يتبقى من مهام.
(6) تنفيذ بعض المهام في فترات الإعلانات
أثناء مشاهدتك لفيلمك المفضل الذي يُعرض على التلفاز، أو استماعك لبرامجك المفضلة على محطات الراديو، يمكنك أن تنتهز الفرصة أثناء الفواصل الإعلانية للقيام ببعض المهام، سواء تلك المهام المتعلقة بالعمل والتي كنت قد أجلتها إلى وقت لاحق، أو المهام المنزلية البسيطة مثل وضع الملابس بالغسالة، أو إخراج القمامة، أو تقديم الطعام لحيوانك الأليف، فكلها مهام سهلة ويمكن إنجازها بسرعة خلال الدقائق القليلة الخاصة بالإعلانات لتجارية.
(7) تقسيم العمل إلى مهام صغيرة
إذا كنت بصدد البدء في مشروع ضخم، فإن عامل التهديد المرتبط بالقدرة على إنجاز العمل قد يكون دافعاً قوياً للتسويف وتأجيل البدء بإنجاز المهام المطلوبة، فعلى سبيل المثال أن يكون مطلوباً منك إنجاز مهمة تحتاج إلى عدة أسابيع لإنهائها سيجعل مجرد التفكير في هذه المهمة يمثل عبئاً كبيراً عليك، أما إذا قمت بتقسيم العمل إلى مهام أصغر، وأبسط، وتحتاج إلى وقت أقل لإنجازها، فإن ذلك من شأنه أن يجعل المهمة المطلوبة تبدو أكثر سهولة وقابلة للتنفيذ الفوري، وفي النهاية فإن مجموعة من الأهداف الصغيرة قصيرة المدى ستجتمع معاً لتصل بك إلى هدفك الأكبر بكل تأكيد.
(8) اعتن بنفسك جيداً
لا تفترض مسبقاً أن مسألة التسويف التي تُعاني منها راجعة بالإساس إلى كونك متخاذلاً أو كسولاً، فقد يكون الأمر بمنتهى البساطة متعلقاً بإنك قد استنزفت طاقتك بشكل كامل، ومن ثم يجب عليك أن تعتنِ بنفسك من خلال الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول الطعام الصحي، وممارسة التمارين الرياضية. أما إذا كنت تشعر بالخمول والخوف أو التهديد أو نقص الدافعية فربما عليك أن تقوم بزيارة الطبيب الخاص بك فربما كنت تعاني من نقص أحد الفيتامينات أو قد تكون مصاباً بالاكتئاب، ومن ثم فإنك حين تعالج مشاكلك الصحية وتصبح في حالة أفضل ستقل مشاكل التسويف بشكل كبير وملحوظ.
(9) قدم لنفسك المكافأة التي تستحقها
إذا كنت تود التوقف عن التسويف وتأجيل المهام، فيجب عليك أن تقدم لنفسك سبباً قوياً يجعلك أكثر رغبة في إنجاز العمل، وفي هذا السياق يمكنك أن تكتب قائمة بالمكافآت الصغيرة التي من شأنها أن تُسعدك وتزيد من دافعيتك لإنجاز المزيد من المهام، ومن أمثلة هذه المكافآت الحصول على استراحة قصيرة، أو قضاء بعض الوقت في نشاط ترفيهي، أو الحصول على الحلوى المفضلة لك، وكلما كان حجم الإنجاز أكبر كلما وجب أن تكون مكافأة الذات أكبر أيضاً لتصبح حافزاً قوياً لك.
(10) توقف عن استخدام شبكة الإنترنت لبعض الوقت
يعد التطور الكبير الذي طرأ على مجال الكمبيوتر والأنترنت في عصرنا الحديث أهم العوامل التي تدفع الكثير من البشر للتسويف وتأجيل أعمالهم بشكل متكرر، فبدأ بالجلوس أمام شاشة الكمبيوتر بالساعات لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ووصولاً إلى الهواتف الذكية التي أصبحت في يد الجميع، نجد أنفسنا مُحاصرين بسيل من الرسائل والتحديثات التي تنتظر منا الاستجابة لها، ومن ثم إهمال بعض الأمور الهامة، وتأجيل تنفيذ بعض المهام التي يجب أن يتم إنجازها. ولمواجهة هذه الظاهرة فربما كان عليك أن تتوقف عن استخدام شبكة الإنترنت لبعض الوقت، حتى وإن كان ذلك ليوم واحد، دع اجهزتك الذكية تتوقف عن العمل وابدأ في إنجاز مهامك المؤجلة أولاً.
ختاماً … إن التسويف عادة سيئة تحد من قدرتك على الإنتاج، ويترتب عليها العديد من النتائج السلبية كما ذكرنا سابقاً، ولكن لحسن الحظ مازال بإمكانك إعادة تدريب نفسك، وأن تتعلم تعديل السلوكيات التي من شأنها أن تدفعك إلى تأجيل المهام المطلوبة منك. في المرة القادمة التي تشعر فها بالرغبة في تأجيل القيام بعمل مهم، حاول استخدام بعض هذه الأساليب، وبالمواظبة والممارسة المستمرة ستتمكن من تبني توجه جديد يدفعك إلى إنهاء اعمالك اولاً بأول ومن ثم لن تصبح ضحية للتسويف مجدداً.
لمتابعة كل المقالات والأخبار والفعاليات اشترك في نشرتنا البريدية الآن